الصفحات

الأحد، 4 مارس 2012

أيلول الأسود...ذكريات من عمق المحنة

لا أدرى ماالذي استحضر إلى ذاكرتى  تاريخ الفلسطينيين فى المملكة الاردنية..هل السبب هو العنصرية والكراهية التى واجه بها الليبيون عودة اليهود الليبيون إلى ليبيا؟؟ هل هو وجه عبد البارى عطوان  الإنتهازي المرتزق الذي قابلنى فى القناة الفرنسية؟ هل هو ذاك الفلسطيني الذي أخبرنى أنه يكره الضريبة الشهرية التى يجبر على دفعها من راتبه فى ليبيا لتذهب إلى فلسطين؟...ربما كل هذه الاسباب مجتمعة...مع ما يحدث فى سوريا وأراه فى لبنان من تخبط...
المشكلة ان الشارع اليبيى الذي خرج فى مظاهرة غضب بسبب عودة يهودي ليبي الى طرابلس وفتحه المعبد اليهودى بالمدينة القديمة لا يدرك ولا يعرف تاريخ المرحلة الماضية...هم يشترطون عودة كل الفلسطينيين الى فلسطين حتى نقبل نحن بعودة اليهود...هم لا يعلمون أن الفلسطينييون حاولوا قلب الحكم  فى الاردن وتأسيس دولة لهم هناك...وقابلوا كرم الملك الأردنى الذي استضافهم بالخيانة والغدر والإنقلاب...ولا يعرفوا كم مات بسببهم هناك من ناس تقدر أعدادهم بالآلاف...ولا يعرفون أنهم بعد هزيمتهم المنكرة فى ايلول الأسود توجهوا الى لبنان وأقاموا جمهورية الفكهانى فى بيروت كبداية لتأسيس دولة لهم داخل دولة ,وان لبنان دخلت بسببهم حرباً أهلية طاحنة دار رحاها قرابه الخمسة عشر سنة وان لبنان بسببهم إستباحها الجيش الاسرائيلي واحتل الجنوب...ودخلها الجيش السوري غازياً وداعماً لمن يسمون بالفدائيين ولم يخرج منه حتى عام 2005 بعد اغتيال الرئيس الحريري...
تاريخ أسود خلفوه وراءهم فى كل مكان استضافهم فيه وفعلوا تماما ما يشكون من الإسرائيليين  بفعله....وانا طبعاً هنا لا اتحدث عن النواحي الإنسانية للموضوع فلا يمكن التغاضى عن البؤس الذي عاشوه والتشريد...لكنى شخصياً احمل مسؤولية تشريدهم وبؤسهم للموقف العربي أنذاك خاصة جمال عبد الناصر الذي رفض قرارات الامم المتحدة ومجلس الامن بفصل الدولتين على حدود 67 واعتبر ان الارض كلها عربية صرفة وتجاهل نصيحة الحكيم بورقيبة واتهمه بالخيانة ودخلت 4 جيوش عربية فى حرب خاسرة ضد اسرائيل فقدوا فيها المزيد من الاراضى...الجولان وسيناء..خيبات عربية لاحدود لها بسبب العنتريات الغوغائية...والآن يتباكون على اللبن المسكوب ويطالبون بتطبيق قرارات مجلس الأمن بفصل الدولتين على حدود ال67؟؟ فهل سيتوقعون من اسرائيل ان تتنازل عما أخذته بالقوة والدم كذا بالساهل؟؟؟ إنهم يحلمون بالتأكيد..برأيي أن حل هذه الأزمة لا يأتى الا باستعمال ورقة السلام والتطبيع الذي تحلم به اسرائيل مع جيرانها كورقة ضغط وابتزاز لتحقيق حد معقول من السلام للفلسطينيين بعد معاناة وتشريد الآلاف منهم...رغم أنهم حاليا فى اوضاع أفضل بكثير من الماضى  إلا أن هذا الملف سيظل كشوكة عالقة فى حلوقنا وسلاح يشهر بوجهنا إن فتحنا أو حتى تحدثنا عن حق عودة اليهود الليبيين الى ليبيا...الناس بحاجة إلى قراءة تاريخ حقيقي غير مزور وغير مدلس...وهذا أمر ليس باليسير على الأطلاق لأن المواطن العربي صار يفضل التلقى عبر التلفزيون على أن يقرأ ويبحث..حتى استعمال الانترنت يفضله فى الدردشة وتمضية الوقت...إننا بحاجة إلى تغيير عميق وجذرى فى اسلوب حياتنا وتعاطينا مع المعلومات وتقييمها...انا لا يهمنى من ناحية شخصية عودة اليهود كيهود ...إنما يهمنى أن أرى التغيير فى شعبى  من خلال إحترامه لحقوق الإنسان والمواطنة...هذا بالذات مايهمنى ويعنيني ,كما أن التنوع الثقافى والعقائدى ليس عيباً كما يعتقده البعض بل هو إرث وتراث إنساني رائع..يحتاج فقط إلى قدر كبير من التناغم والمحبة والتسامح والقبول.......
ومن موضوع إلى موضوع أجد نفسي أخرج من نفق لأدخل آخر دون  أن أشعر..ولا تسألونى مالذى طرأ على بالك لفتح هكذا موضوع لأنى كما أسلفت لا أعلم تحديداً....
دمتم بخير